عام 2020 مخيبًا للاقتصاد المملكة العربية السعودية
مع بداية هذا العام توقع الاقتصاديين أن يكون 2020رائعًا بالنسبة للمملكة العربية السعودية، وذلك مع نمو القطاع غير النفطي بشكل جيد بسبب الخطط التنموية الواسعة التي وضعها المسؤولين في المملكة الذين كانوا حرصين على جذب استثمارات كبيرة، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن وقضىالانهيار الكبير للنفط وجائحة فيروس كورونا على الخطط التنموية وتحول تركيز المسؤولين عنها.
لقد أدي وباء فيروس كورونا إلى ارسال الاقتصاد العالمي إلى ما هو أسوأ من الأزمة المالية العالمية 2008 -2009، ويرجح خبراء الاقتصاد أن العالم يحتاج إلى فترة طويلة لإعادة ترميم الأضرار الاقتصادية الناجمة عن جائحة فيروس كورونا.
الأزمات التي يواجها الاقتصاد السعودي
لم يكن الاقتصاد السعودي بعيدًا عن تداعيات فيروس كورونا، فالوباء قضي على أكبر مصدرين من مصادر الدخل السعودي سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، فأسعار تداول النفط هوت بقوة وفقدت أكثر من نصف قيمتها منذ بداية هذا العام نتيجة لركود الطلب العالمي بشكل كبير بحوالي 30% ، بالإضافة إلى حرب الأسعار التي شنتها السعودية ضد روسيا الشهر الماضي.
ومن جهة أخرى اضطرت السعودية إلى اتخاذ إجراءات قاسية للحد من انتشار فيروس كورونا فقامت بإلغاء العمرة والحج، التي تجذب حوالي 10 مليون شخص في العام، لتمحو 8 مليار دولار من الميزانية العمومية.
تحتاج المملكة العربية السعودية أن يصل سعر نفط غرب تكساس إلى 85 دولار للبرميل من أجل موازنة ميزانيتها العمومية، ولكن سرعان ما قامت الحكومة بخفض الانفاق العام بنحو 50 مليار ريال.
وعلى الرغم من قيام السعودية بالعمل على تنويع اقتصادها خلال السنوات القليلة الماضية بدلًا من الاعتماد الرئيسي على النفط، إلا إنها حتى الآن تعتمد على الإيرادات النفطية التي توفر حوالي ثلثي إيرادات المملكة، ففي العام الماضي بلغت الإيرادات النفطية حوالي 208 مليار دولار وتشير التوقعات أن تتراجع بحدة بأكثر من 100مليار دولار هذا العام.
حرب الأسعار التي شنتها السعودية
انخفض خام برنت بقوة إلى حوالي 32 دولار للبرميل فاقدًا أكثر من نصف قيمته منذ بداية العام، بعدما فشلت OPEC بقيادة المملكة العربية السعودية في التوصل إلى اتفاق مع روسيا لتعميق خفض مستويات الانتاج لدعم الأسعار التي انخفضت بسبب ضعف مستويات الطلب العالمي التي تراجعت بأكثر من 30%، لذلك قررت السعودية تحطيم الأسعار وأعلنت عن رفع انتاجها لمستويات قياسية وإغراق السوق بالنفط الرخيص ليدخل سوق النفط في حرب أسعار.
وكانت النتيجة تحول الوضع الكئيب للنفط إلى حالة كارثية، فقد هوي خام برنت بنحو 24% بعد قرار السعودية وبنهاية شهر آذار/ مارس كان عند أدنى مستوياته في ما يقرب من عقدين.
وتدخلت الولايات المتحدة لحل تلك الأزمة، ومؤخرًا تم التوصل إلى اتفاق تاريخي لخفض مستويات الانتاج بما يقرب من 9.7 مليون برميل يوميًاليدخل حيز التنفيذ الرسمي في الأول من آيار/ مايو المقبل، وعلى الرغم من الاتفاق على خفض الانتاج إلا أسعار النفط والعقود الآجلة للنفط لا تزال متراجعة، وهذا يشير إلى أن الصفقة أقل مما يجب كما أنها متأخرة للغاية.
حرب عالية المخاطر
من الواضح أن السعودية نجحت في حربها وأجبرت روسيا على الموافقة لإجراء تخفيض مستويات الانتاج، وربما وافقت علىتخفيضات أكبر مما كان سيتم الاتفاق عليه في البداية، ولكن كان هذا الانتصار مكلفًا للغاية.
يقول خبراء أن الظروف المحيطة بالسعودية لا تجعلها قادرة عليالانخراط في حروب عالية المخاطر، لأن لديها التزامات مالية كبيرة منذ أن دعا ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” لخطته رؤية 2030 لتنويع الاقتصاد.
أشارت وكالة فيتش إلى أن السعودية تحتاج إلى أن يضل سعر النفط إلى 91 دولار للبرميل هذا العام لتغطية نفقاتها، ولا أحد يتوقع أن يصل النفط إلى هذا السعر في المستقبل القريب.